تعد اليونان وجهة شهيرة لأولئك الذين يبحثون عن إجازة شاطئية أكثر تحررًا، وذلك بفضل وفرة كنوزها الساحلية والمواقع التاريخية الشهيرة عالميًا، والأماكن الرائعة التي يمكنك زيارتها.
عندما يفكر المسافرون في البحرين - تلك السلسلة من الجزر اللؤلؤية الواقعة على الحافة الغربية للخليج العربي - قد يتخيلون أسواق المنامة الصاخبة أو مضمار السباق المتلألئ. ومع ذلك، فبالرغم من سحر المملكة الثقافي، فإن الوصول إليها هو قصة بنية تحتية حديثة وطرق تاريخية. عند الوصول، سواء بالطائرة أو الحافلة أو السيارة أو حتى البحر، يخطو المرء فورًا إلى مساحات شكلتها عقود من التخطيط والابتكار والتوسع. يتتبع هذا المقال تلك البوابات إلى البحرين: مطار المحرق الذي أعيد بناؤه حديثًا، وجسر الجسر الطويل من المملكة العربية السعودية، وميناء الجزيرة البحري. إنها ليست قصة سياحة أو سياسة، بل قصة واقع الوصول المعاش، وفحص جوازات السفر والطرق السريعة، والانتظار في المحطات والشعور بالتمايل البطيء للخليج تحت هيكل سفينة الشحن. من خلال عدسة مدروسة وملاحظة، نستكشف كيف ترحب البحرين بالعالم - شبكة متطورة من الطرق والسكك الحديدية ومدرجات الطائرات التي تتحدث عن طموحات كبيرة لدولة صغيرة.
إن السفر إلى البحرين يعني الهبوط في أقدم مطار دولي في الخليج العربي. يقع مطار البحرين الدولي في الطرف الشرقي للبحرين، في جزيرة المحرق على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من العاصمة المنامة. يمكنك رؤية مياه خليج البحرين تتلألأ في الأسفل عند النزول. في السنوات القليلة الماضية، تم تحويل المطار نفسه: تم افتتاح محطة جديدة كبيرة في 2021-2022، وهو مشروع بقيمة 1.1 مليار دولار أمريكي ضاعف حجم المبنى القديم أربع مرات ورفع السعة السنوية إلى حوالي 14 مليون مسافر. في منطقة ذات محاور ضخمة، يبدو مبنى البحرين الجديد مصممًا على نطاق بشري: فسيح ومرتب، بأسقف عالية وتصميمات داخلية واسعة، حيث يتناغم الضوء الطبيعي مع الرخام الأبيض والزخارف الهندسية البسيطة. عند النزول من جسر الطائرة إلى قاعة المغادرة الجديدة، قد يلاحظ المرء على الفور مدى تهوية كل شيء وكفاءته - مثل "أحد أكثر المحاور كفاءة" كما أشار مسافر مؤخرًا. بالنسبة لمشروع بناء امتد لخمس سنوات، فقد قدم بالتأكيد مطارًا حديثًا يبدو مصممًا حول تجربة الركاب وليس الحجم الكبير.
هنا، تتربع طيران الخليج على عرش الطيران. وبصفته المركز الرئيسي لشركة الطيران الوطنية، يشعر مطار البحرين وكأنه موطنها. يزين شعار الشركة الأزرق والذهبي كل مبنى المسافرين، وغالبًا ما ترى أسطول طيران الخليج من طائرات إيرباص وبوينغ الأنيقة متوقفة عند البوابات. من البحرين، تُسيّر طيران الخليج رحلاتها عبر شبكة واسعة من الوجهات: فجميع المدن الرئيسية تقريبًا في مجلس التعاون الخليجي تُسيّر رحلات يومية. الرياض، وجدة، ودبي، وأبو ظبي، والدوحة، والكويت - جميعها تقع على بُعد رحلة قصيرة. كما تُسيّر رحلات طويلة المدى إلى لندن بشكل متكرر، مما يعكس الصلة التاريخية بين البحرين وبريطانيا. وأكثر من مجرد خطوط الطيران، تُضفي طيران الخليج على المطار طابعًا مميزًا. يتنقل طاقم الضيافة بزيهم الثقافي المميز بين صالات الانتظار، وتُصدح الإعلانات باللغتين العربية والإنجليزية بنبرة ترحيبية لطيفة. يلاحظ العديد من المسافرين الغربيين كيف يُظهر الموظفون المحليون لطفًا ولطفًا. الانطباع العام هو أن شركة طيران وطنية ومطارًا وطنيًا يتحركان بتناغم، كل منهما يُعزز الآخر. وبما أن شركة طيران الخليج أصغر حجماً من شركات الطيران العملاقة المجاورة، فإن الأجواء مريحة ولكنها في الوقت نفسه مصقولة: فهي تبدو وكأنها شركة طيران صغيرة جيدة التنظيم وليس مركزاً عملاقاً.
غالبًا ما يُشيد الزوار الوافدون بسهولة استخدام المطار. فعلى الرغم من ضخامة المبنى الجديد، نادرًا ما يشكو المسافرون من طوابير الانتظار الطويلة أو الارتباك. قاعات تسجيل الوصول واسعة، مع مكاتب مخصصة لركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال، بالإضافة إلى العديد من مكاتب الدرجة السياحية. أكشاك الهجرة يحرسها موظفون مهذبون. استلام الأمتعة فعال ودقيق - إذا وصلت مبكرًا، فقد تُلقي نظرة خاطفة على أفق البحرين من النافذة خلف أحزمة الأمتعة. يفصل تصميم المطار بين صالات الوصول والمغادرة بدقة، مما يمنع الازدحام، وهناك لافتات واضحة باللغتين العربية والإنجليزية تُرشدك إلى الطريق. ومن المزايا غير المتوقعة مسافة المشي القصيرة بين بوابات الوصول والخروج: لن تضطر إلى السير لمسافة ربع ميل في الممرات كما تفعل في بعض المطارات الكبرى. بالنسبة للعديد من الزوار القادمين من مطارات الخليج الأصغر، يبدو مبنى المسافرين الجديد في البحرين أشبه بالفندق الفاخر بفضل نظامه الهادئ.
التسوق المعفى من الضرائب متعة خفية هنا. عند تجولك في المركز التجاري المعفى من الضرائب الواسع أسفل البهو الرئيسي، ستجد متاجر علامات تجارية فاخرة مألوفة: عطور فاخرة، ساعات، إلكترونيات، وأزياء. ورغم أن البحرين ليست عاصمة تسوق إقليمية كدبي، إلا أن خياراتها محترمة وأسعارها تنافسية، وجميعها معفاة من الضرائب. تتيح لك جولة سريعة في متجر يبيع الحلويات العربية أو الهدايا التذكارية البحرينية فرصة تذوق نكهة محلية قبل اللحاق برحلتك.
قد ينجذب مسافرو الترانزيت أيضًا لمعرفة المزيد عن "فندق الترانزيت" المدمج في مبنى المسافرين. بخلاف بعض المطارات التي تتطلب الخروج بحثًا عن غرفة فندقية، يضم مبنى المسافرين الجديد في البحرين فندقًا في المنطقة الآمنة. إنه فندق متواضع - حوالي خمسين غرفة صغيرة مزودة بأسرّة، وبضعة حمامات ليستعيد المسافرون المرهقون نشاطهم. إذا كان برنامج رحلتك يتطلب انتظار رحلة ربط في وقت متأخر من الليل، يمكنك حجز غرفة (تُعرف باسم "ترانسوتيل") دون الحاجة إلى الخروج من قسم الجوازات. لطالما وفّرت هذه الميزة خدمات للمسافرين العابرين؛ ففي البداية، كان نُزُلًا بسيطًا يشبه النزل، وهو الآن فندق صغير أنيق يندمج بسلاسة مع تصميم مبنى المسافرين. الإقامة فيه تعني أنك تستيقظ على بُعد خطوات من بوابة المغادرة، وهو ما يُقدّره العديد من المسافرين العابرين.
إلى جانب الهندسة المعمارية، تحمل تجربة المطار نفسها أجواءً بحرينيةً هادئة. يتجنب الديكور الداخلي البذخ وحتى البذخ الكتابي. بدلاً من ذلك، قد تلاحظ خطوطًا واضحة وزخارف دقيقة مستوحاة من الفن الإسلامي، ونوافير مائية داخلية صغيرة تهمس بهدوء. تُنشر الإعلانات العامة باللغتين العربية والإنجليزية بنبرة لطيفة، نادرًا ما تكون منزعجة أو مقتضبة. حتى موظفو الأمن هنا غالبًا ما يبتسمون من وراء شاراتهم ويوجهون المسافرين المرتبكين بلطف. باختصار، غالبًا ما يكون الوصول بالطائرة إلى البحرين خاليًا من التوتر. يلاحظ العديد من كتاب السفر أن الأمر أشبه بالدخول إلى صالة حديثة منه إلى نقطة عبور مزدحمة. بالنسبة للمسافرين القادمين من الرياض أو الدمام عبر حافلات سابتكو (المزيد عن ذلك قريبًا)، يمكن أن يشعر المطار بالألفة مقارنةً بالمحطات المترامية الأطراف في الدول المجاورة.
يُعجب الزوار السعوديون على وجه الخصوص بمطار البحرين. ففي نهاية كل أسبوع، يقود آلاف السعوديين سياراتهم عبر الجسر القصير لقضاء بضعة أيام في البحرين، وغالبًا ما يعودون إلى ديارهم جوًا من المنامة. بعض رحلات طيران الخليج مُصممة خصيصًا لتلبية احتياجات سكان المنطقة الشرقية. حتى أن طيران الخليج أعلنت مؤخرًا عن خدمات حافلات مخصصة إلى الدمام والخبر لنقل الركاب إلى مطار البحرين للمغادرة. لذلك، من الشائع رؤية العائلات السعودية في مبنى المسافرين، ربما يشترون مشروبات كحولية أو أدوات إلكترونية معفاة من الرسوم الجمركية لرحلة العودة عبر الجسر. ووفقًا لأحد التقديرات، فإن النسبة الأكبر من السياح الأجانب إلى البحرين يأتون من المملكة العربية السعودية. لذا غالبًا ما يبدو مطار البحرين وكأنه مبنى مسافرين ثانٍ لسكان المنطقة الشرقية السعوديين - حتى أن هناك لافتات وإعلانات أحيانًا بعبارات بسيطة لمساعدتهم على التنقل. تظهر هذه الود عبر الحدود حتى في صالة الخطوط الجوية: فقد تعاونت طيران الخليج ومطار البحرين لجعل التأشيرات وتحويل العملات والإعفاءات الضريبية سهلة قدر الإمكان للزوار السعوديين.
الرحلات الجوية خارج الخليج هي أيضًا مصدر فخر. تربط الرحلات المباشرة إلى أوروبا وآسيا البحرين بالعالم، ويعني حجم المطار أن الفحص الأمني عادةً ما يكون سريعًا. بالنسبة للمسافر من جنوب آسيا، على سبيل المثال، قد يكون من المريح الهبوط في البحرين والعثور على طوابير الهجرة أقصر بكثير وأكثر ودية من تلك الموجودة في المراكز الأكبر في دبي أو الدوحة. هناك كفاءة غير مبالغ فيها هنا - لا إعلانات كبيرة عن الوصول، فقط ختم جوازات السفر بكفاءة وكلمة "مرحبًا بك في البحرين" مهذبة. تظهر الأمتعة على الحزام دون تأخير تقريبًا. وبمجرد المرور عبر الجمارك (حيث المهمة الوحيدة هي فتح حقيبتك إذا طُلب منك ذلك)، تجد نفسك بالخارج بسرعة، في استقبالك ضوء الشمس الساطع وربما مشهد الجمال أو رحلة بالسيارة إلى المدينة.
أخيرًا، تُعد وصلات المسارات جزءًا أساسيًا من السياق. البحرين صغيرة، لذا فهي تعتمد كنقطة عبور جوي على ربط المحاور. إلى جانب شبكة طيران الخليج القوية، تقدم شركات الطيران منخفضة التكلفة مثل ويز إير والعربية للطيران رحلات إلى محاور في أوروبا والهند والخليج. كما تقدم مطارات لندن هيثرو وفرانكفورت وإسطنبول ودلهي خدماتها. يعزز هذا الاتصال الدولي من مكانة المطار، ويصف بعض المسافرين البحرين بأنها عقدة غير مقدرة حق قدرها: قد تكون أسعار التذاكر إلى أوروبا أحيانًا أرخص عبر مطار البحرين الدولي من الرياض أو جدة. وهذا يفسر مرة أخرى سبب عبور السعوديين للخارج للطيران: فمن الأسهل أو الأقل تكلفة في بعض الأحيان استخدام الروابط الجوية البحرينية. وبهذا المعنى، لا يعمل مطار البحرين الدولي كبوابة جوية للبلاد فحسب، بل كمركز إقليمي صغير تمتد منطقة تغطيته إلى ما وراء شواطئها.
باختصار، الوصول جوًا إلى البحرين يعني الانطلاق إلى مساحة عصرية تتسم بالود والكفاءة. يُعبّر كلٌّ من فن العمارة وثقافة الموظفين عن شعورهم بالراحة، فهم في البحرين الآن. يلاحظ الزوار راحة مبنى المسافرين الجديد واللمسات الدقيقة لشركة طيران وطنية في جوهر التجربة. وسرعان ما يبدأ المسافرون الذين بدأوا رحلتهم في درجة الأعمال أو الدرجة السياحية الخلفية بفهم تفاصيل كيفية ارتباط هذه المملكة بجيرانها برًا، وهو ما نتناوله الآن.
بالنسبة للكثيرين ممن يسافرون براً بين البحرين والسعودية، فإن الرحلة تتم بالحافلات. يشكل جسر الملك فهد، الذي يبعد أربعين دقيقة بالسيارة عن مطار البحرين، طريقاً سريعاً واحداً بأربعة مسارات يربط بين البحرين والسعودية. ويسير على هذا الجسر أسطول من حافلات النقل يومياً، ينقل مئات الركاب في كلا الاتجاهين. وتدير هذه الخدمة شركة النقل السعودية البحرينية (سابتكو أو ساترانس، بعد دمج شركتي سابتكو السعودية والحافلات البحرينية).
تخيل صباحًا باردًا في محطة حافلات العزيزية بالدمام. هناك، تحت رصيف بسيط مسقوف، يقف صف من الحافلات الصغيرة المكيفة المتصلة بمقطورات صغيرة. هذه ليست حافلات ضخمة بين الولايات الأوروبية، بل هي حافلات حديثة مجهزة للسفر لمسافات متوسطة. تتميز التصميمات الداخلية بمقاعد مريحة قابلة للإمالة (عادةً ما تكون ذات ممرين) ومكيف هواء يعمل بثبات. كما تسحب كل حافلة مقطورة صغيرة مغطاة لأمتعة الركاب المسجلة - حقائب كبيرة، وصناديق من التمور أو الهدايا التذكارية، وحتى قطع الأثاث من المشاهد الشائعة. الركاب أنفسهم مزيج من: متقاعدون بحرينيون عائدون إلى ديارهم بعد زيارة عائلاتهم، ومجموعات من رجال الأعمال السعوديين متجهين إلى اجتماع في المنامة، وحتى مغتربون غربيون أو جنوب آسيويون عائدون إلى البحرين لأن صلاحية خروجهم من السعودية تنتهي. المشهد عملي وهادئ في الوقت نفسه: غرباء يتحادثون بهدوء، ويتشاركون البطاريات والوجبات الخفيفة، ويتبادلون النصائح خلال رحلة تستغرق ساعتين.
عادةً ما تغادر حوالي ست رحلات حافلات من هذا النوع يوميًا من محطة الدمام في المملكة العربية السعودية، وتتوقف لفترة وجيزة في الخبر والخبر (أو تصل من هناك) قبل التوجه شمالًا إلى الجسر. (في البحرين، تتوقف الحافلات في محطة بجوار مركز لولو للتسوق في وسط المنامة، مما يسهل الوصول إلى فنادق المدينة وأرصفتها). تختلف الجداول الزمنية: قد تجد حافلات تغادر في الصباح الباكر، أو منتصف النهار، أو في وقت متأخر من بعد الظهر، وأحيانًا حتى حافلة أو اثنتين أثناء الليل. يبدو أن معظم الحافلات تتجنب أوقات الذروة للصلاة وأسوأ حرارة بعد الظهر، حيث تقوم برحلات عندما تكون الطرق خالية نسبيًا. تبيع مكاتب التذاكر في المحطة أسعارًا في اتجاه واحد مقابل 50 ريالًا سعوديًا تقريبًا (حوالي 5 دينار بحريني). لا يلزم الحجز عادةً؛ ستضغط المكاتب عليك في الحافلة التالية حتى لو كانت الرحلة "مباعة بالكامل"، مما يعني أن الحافلات غالبًا ما تكون ممتلئة بالكامل في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات.
بمجرد صعود الجميع وإغلاق الأبواب، تنطلق الحافلة الصغيرة بقوة. حتى قبل مغادرة مدينة الدمام، تبدأ الحافلة بجمع الركاب الجدد من المحطات الوسيطة. يظهر نمط مُفيد: يتنقل مُضيف يرتدي زيًا رسميًا (أحيانًا يكون فردًا أصغر سنًا من الطاقم أو حتى فتىً لطيفًا يرتدي زيًا مدرسيًا سعوديًا أنيقًا) بين الممرات، مُعتنيًا بمقطورة الأمتعة في الخارج، ومتأكدًا من فحص تذكرة كل راكب. حتى أن أحد سائقي الحافلات كان لديه ابن أخ صغير يُرافقه كمتدرب، يقرأ الأسماء من قائمة الركاب ويُشير إلى السائق على جوازات السفر المفقودة. إنه نظام فعال بهدوء؛ حيث يُحافظ الصعود إلى الحافلة وفرز جوازات السفر في البداية على سير الأمور بسلاسة على طول الطريق.
الرحلة بحد ذاتها ممتعة بشكل مدهش. مع انطلاق الحافلة نحو الجسر، تتسلل إليها لمحة من المغامرة: فمع كل ميل، تمتد مياه الخليج تحت النوافذ، فيروزية لا متناهية. في الداخل، غالبًا ما يُحدّق الركاب في المسارات المتداخلة والجزر القريبة. نادرًا ما توجد أكشاك أو حواجز مرورية بعد عبور الدمام؛ بل يمتد الإسفلت أمامهم مُحاطًا بمياه المحيط الزرقاء. تقول الأساطير الشعبية إن أول جسر دُشّن عام ١٩٨٦ كان من عجائب الهندسة، وبالفعل، يمكن للمسافرين المعاصرين القيادة عبر الجسر الصحراوي الضيق إلى الجزر الحدودية الاصطناعية.
بعد دخول نقطة التفتيش الحدودية السعودية على الجسر، أُشير للحافلة بالتوقف. يجمع الجميع حقائبهم الصغيرة وأمتعتهم، ويدخلون مبنى الهجرة. قد يستغرق هذا الجزء وقتًا. على الجانب السعودي، يقوم الضباط بفحص جوازات السفر (عادةً بسرعة إذا كنت سعوديًا أو من دول مجلس التعاون الخليجي؛ وقد يكون لدى الآخرين تأشيرات للتحقق منها). على الجانب البحريني، وبعد رحلة قصيرة بالحافلة، ينزل الجميع مرة أخرى في مجمع الحدود البحريني. هنا، يجب على كل راكب إبراز جواز سفره أو بطاقة هوية بحرينية وحمل أي تأشيرة أو ختم دخول ضروري. عادةً ما يحتفظ سائقو الحافلات بجوازات السفر لتسريع الخط، وفي غضون ساعة تقريبًا، تكتمل الإجراءات الرسمية للجميع. عادةً ما تكون شاحنات الأمتعة جانبًا، وقد يتم فحص حقيبتك بالأشعة السينية. وبحلول الوقت الذي يعود فيه المسافرون الناعسون إلى الحافلة، غالبًا ما يكون أحد أفراد الطاقم الودود قد مرر زجاجات الماء البارد لهم للترطيب.
تستغرق الرحلة من ثلاثين دقيقة إلى ساعة تقريبًا، مما يجعل تقدير الساعتين واقعيًا في أيام الذروة. ويلاحظ المسافرون أنه خلال موسم الذروة (أمسيات الخميس أو الجمعة، عندما يتوافد السعوديون على الجسر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع) قد يتضاعف وقت الانتظار، حيث تصطف عشرات السيارات والحافلات خلفهم. ومع ذلك، تتميز هذه الحافلات بمعاملة خاصة. ففي العديد من معابر الجسر الحديثة، تُخصص مسارات خاصة للحافلات. وعادةً ما يُلوّح مسؤولو الحدود البحرينيون والسعوديون للحافلة قبل السيارات الخاصة الأبطأ، فبمجرد الانتهاء من ختم جوازات السفر، تنطلق الحافلة مجددًا قبل أن تتلاشى الطوابير الطويلة.
بين محطات التوقف البطيئة على الحدود، تكون الرحلة مريحة. تسير الحافلة بسرعات عالية (حتى لو زادت قليلاً عندما تسمح المساحات الخالية)، وقد يلتقط السائق محطة أخبار محلية سعودية. في الداخل، قد تسمع مزيجًا من الثرثرة العربية وبعض الإنجليزية أو الأردية. الجو هادئ؛ لا داعي للقلق بشأن القيادة أو الاتجاهات. في الواقع، بالنسبة للمسافر المغامر، تبدو حافلة المسافات الطويلة على الجسر أشبه بحافلة خاصة مستأجرة - شخصية وبسيطة. حتى أولئك الذين يقرؤون أو ينامون في مقاعدهم قد يشاهدون شمس المساء وهي تتلألأ على أفق البحرين مع اقتراب الحافلة من المخرج 3 في جزيرة البحرين.
من حيث التكلفة، تظل الحافلة خيارًا اقتصاديًا. بسعر حوالي 5 دينار بحريني (حوالي 13 دولارًا أمريكيًا) لرحلة ذهاب فقط، فهي أرخص بكثير من التاكسي أو استئجار سيارة. كما أنها تُبسط الرحلة دون رسوم مواقف أو رسوم مرور. لا توجد رسوم منفصلة لرسوم الجسر، والتي تدفعها شركة الحافلات دفعة واحدة. ما عليك سوى الدفع مرة واحدة والاسترخاء. بالنسبة للعديد من المسافرين يوميًا، أو الطلاب، أو المسافرين ذوي الميزانية المحدودة، تُعتبر الحافلة الخيار الأمثل. فمقارنةً بقيادة السيارة، توفر الحافلة الراحة وفرصة للدردشة مع السكان المحليين. وبالمقارنة بالطائرة، فهي أبطأ بالطبع، لكنها تتمتع بروعة الطريق - طقوس عبور الحدود، ونسمات الخليج، وهدير المقطورة الخفيف أثناء انزلاقها على الجسر.
باختصار، يُعد السفر من السعودية إلى البحرين بالحافلة بمثابة دخول اجتماعي، بل احتفالي تقريبًا. بمجرد أن تستقر في مقعدك، ستنسى على الفور ساعات طويلة من السفر أمام المناظر الطبيعية. عندما تُفتح أبواب مركز اللولو وتخرج إلى المنامة، تشعر وكأنك في قلب المدينة. يتفرق الحشد: يستقل البعض سيارات الأجرة، بينما يمشي آخرون إلى النزل أو المكاتب القريبة. نقطة الوصول مريحة؛ فبجوار محطة الحافلات، ستجد هايبر ماركت اللولو الواسع ومتاجره إذا كنت بحاجة إلى وجبات خفيفة أو نقود في اللحظات الأخيرة. غالبًا ما تعمل الحافلات حتى وقت متأخر من الليل، مما يجعل حتى رحلة قصيرة لليلة واحدة ممكنة.
قبل كل شيء، تُبرز رحلة الحافلة حقيقةً أوسع: البحرين مرتبطةٌ ارتباطًا وثيقًا بجارتها الشرقية. يشهد التدفق المستمر للحافلات (والسيارات) عبر جسر الملك فهد على وجود مجتمعين تتداخل فيهما التجارة والروابط العائلية والجغرافيا. عند ركوب هذا الطريق، يشعر المرء بأنه أقل زائرًا وأكثر مشاركةً في إيقاع مشترك - السعوديون والبحرينيون على حد سواء يتنقلون ذهابًا وإيابًا كل أسبوع. وبينما تتوقف الحافلة في محطة المنامة فارغةً، يشعر المرء أن عبور الحافلة هو بالنسبة للعديد من المسافرين الطريقة الأصدق للوصول إلى هذه الجزر، حيث تتردد أصداء قصص الطريق في أذهانهم.
بالنسبة لأصحاب المركبات الخاصة، يُعد جسر الملك فهد الطريق السريع الأمثل للوصول إلى البحرين. يُعد هذا الجسر، الذي يمتد بطول 26 كيلومترًا، والذي افتُتح عام 1986، الرابط البري المباشر الوحيد للمملكة مع العالم الخارجي. يُعرفه معظم السائقين في المنطقة ببساطة باسم "الجسر". الرحلة من شرق المملكة العربية السعودية سهلة ومباشرة: يتبع المرء طريق الخبر السريع جنوبًا، ويمر عبر ضواحي المدينة، ثم يندمج في الجسر عند جسر الوصول. تستغرق الرحلة من مطار المحرق حوالي 50 دقيقة بالسيارة غربًا وشمالًا (عبر جسر الشيخ عيسى أو جسر حمد المؤدي إلى المنامة) للوصول إلى مدخل الجسر في الخالدية.
القيادة هنا تبدو روتينية للسعوديين والبحرينيين، لكنها قد تكون مغامرة للغرباء. الطريق نفسه مُحافظ عليه جيدًا، فهو يضم مسارات خرسانية واسعة ولوحات تحذيرية باللغتين العربية والإنجليزية. يُعرف السائقون السعوديون بسرعتهم، وعادةً ما يتطلب الأمر قيادةً حازمة؛ وللجسر حد أقصى صارم للسرعة (100 كم/ساعة على الجسور)، لكن تطبيقه ضعيف. في الليل، يُضاء الجسر بأعمدة إنارة مزدوجة، ويعطي انعكاس الأضواء على الماء انطباعًا مطمئنًا بالأمان (مع أن الطقس قد يجلب الضباب أو هبات الرمال في حالات نادرة). بالنسبة للزائرين لأول مرة، يُنصح بالتخطيط لدفع رسوم المرور: فالكاميرات الآن تتعقب لوحات السيارات وتسمح بالدفع الإلكتروني لرسوم السيارة البالغة 25 ريالًا سعوديًا، لكن العديد من المسافرين يدفعون ببساطة ببطاقة الائتمان عند البوابة. (اعتبارًا من يناير 2019، تبلغ الرسوم 25 ريالًا سعوديًا لكل عبور، أي ما يعادل دينارين بحرينيين تقريبًا؛ وهذا يغطي تكاليف تشغيل الجسر. والجدير بالذكر أنه لا أحد يفرض رسومًا على كل راكب، بل لكل مركبة فقط).
من المهم ملاحظة المستندات واللوائح الخاصة بالقيادة عبر الجسر. تسمح البحرين لمواطني معظم الدول بالحصول على تأشيرة عند الوصول، ولكن اللوائح تختلف باختلاف الجنسيات، لذا يُنصح بالتحقق من المتطلبات مسبقًا. عادةً ما يمر مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي (مثل السعوديين والكويتيين وغيرهم) بدون تأشيرة - ويكفي حمل بطاقة هوية وطنية أو جواز سفر. غالبًا ما يتعين على المقيمين غير الخليجيين المقيمين في السعودية (المغتربين) تقديم ختم "خروج/عودة" من السعودية للذهاب إلى البحرين، وختم تأشيرتهم البحرينية عند العودة. يبدو مبنى الهجرة البحريني في نهاية الجسر أنيقًا وعصريًا، ولكن من الداخل يتبع نفس طقوس فحص جوازات السفر: يتم فحص وثائق السفر، وقد يُطلب من الزوار إظهار تأكيدات الفندق أو تذاكر العودة. بمجرد الختم، تنتهي الرحلة ويصبح الطريق مفتوحًا لشبكة الطرق السريعة في البحرين.
يختار العديد من المسافرين عدم استخدام سياراتهم الخاصة إطلاقًا، بل استئجار سائق أو سيارة أجرة لرحلة عبور الجسر. من الجانب السعودي، تُعلن مواقف سيارات الأجرة الرسمية وشركات تأجير السيارات أحيانًا عن رحلات إلى البحرين. تتراوح الأجرة حول 300 ريال سعودي (حوالي 30 دينارًا بحرينيًا) في اتجاه واحد للسيارة العادية، التي تتسع لأربعة أشخاص وبعض الأمتعة. يمكن ترتيب الرحلة من الدمام أو الخبر بسهولة. عادةً ما يساعد السائقون الرسميون في طوابير الجوازات، ثم يُنزلون الركاب في مواقف السيارات المخصصة على الجانب البحريني. ميزة مريحة: بمجرد وصول سيارات الأجرة إلى البحرين، يُمكنها تبديل لوحاتها لتصبح سيارات أجرة بحرينية مرخصة للرحلة التالية. (لا يستخدم نظام الأجرة عدادات لرحلات الجسر؛ إنه سعر ثابت يتم التفاوض عليه). كما تُقدم بعض شركات سيارات الأجرة على الجانب البحريني خدمات "ليمو البحرين" - وهي سيارات سيدان مكيفة بألوان الشركة، تنقلك مباشرةً من مخرج الجسر إلى المنامة أو العكس مقابل الأجرة المُعلنة. يتيح هذا للزوار القادمين تجاوز موقف سيارات الأجرة الرئيسي إذا قاموا بالترتيب مُسبقًا.
ومع ذلك، إذا كنت تقود سيارتك الخاصة - ربما سيارة مستأجرة أو سيارتك الشخصية من السعودية - فستحصل على إحساس مختلف بالرحلة. بعد نقطة تفتيش جوازات السفر السعودية، يتعرج الطريق متجاوزًا جزيرتين اصطناعيتين تم بناؤهما للبنية التحتية للجسر (الجزر التي تستضيف الآن بعض مباني الجمارك ومواقف السيارات وأبراج المراقبة). على يسار الطريق يظهر قريبًا منحدر شديد الانحدار إلى الجسر الأخير، وهو امتداد مستقيم من أربعة مسارات محاطة بسور قوي باللونين الأزرق والأبيض. يظهر علم البحرين، الذي يرفرف على أعمدة أعلام كبيرة، في جزيرة أم النعسان، وهي قطعة صغيرة من الأراضي البحرينية التي ترسي الجسر. غالبًا ما يتضخم منتصف الجسر بسبب الرياح المتقاطعة القادمة من الخليج، لذلك يمكن للمرء أن يشعر بالسيارة وهي تتعرض لضربات خفيفة. بالنظر إلى الخارج، يرى المرء سفن الشحن بعيدًا في الأسفل والمياه تتألق. بالنسبة للسائقين الذين اعتادوا على القيادة لمسافات طويلة على الطرق السريعة، يعد هذا الأمر روتينيًا في الغالب، لكنه دائمًا ما يكون له لحظة مهيبة: ستة حارات من الأسفلت تنحني برشاقة فوق البحر باتجاه الشاطئ.
نصائح عملية: يُسمح عادةً للسيارات المستأجرة بالعبور (كانت هناك قيود سابقة، لكن معظم عقود التأجير اليوم تسمح برحلات إلى البحرين بشرط دفع وديعة عبور). على السائقين السعوديين تذكر حمل رخصتهم السعودية الأصلية وتسجيل مركبتهم (بالإضافة إلى عقد استئجار السيارة إن وجد). في ساحات تحصيل رسوم الجسر، غالبًا ما تُسجل أرقام اللوحات رقميًا، لذا طالما أن تأشيرتك ورخصتك سليمتان، فسيكون المرور سلسًا. في الجانب البحريني، بعد أكشاك الهجرة، تصطف السيارات مجددًا لدفع الرسوم. ملاحظة مهمة: نظرًا لأن الرسوم تُفرض على كل مركبة، وليس على كل شخص، غالبًا ما تُفضل العائلات السفر بالسيارة مع جميع الأمتعة، بينما قد يوفر المسافر المنفرد المال باستقلال حافلة أو سيارة أجرة.
هناك خيار أقل رسمية ولكنه شائع الاستخدام وهو ما يُسمى "التاكسي غير الرسمي". يظهر هذا المصطلح في منتديات السفر وأعمدة النصائح المحلية. خارج المواقف الرسمية في كل من الدمام والمنامة، قد تجد أحيانًا أفرادًا يعرضون نقل الركاب مقابل المال، وغالبًا بسعر أقل بقليل من أجرة التاكسي أو الحافلة المرخصة. يقود هؤلاء السائقون سياراتهم الشخصية وقد يصطدمون بركاب آخرين على طول الطريق. وبينما يستخدمهم بعض المسافرين دون أي مشكلة، تجدر الإشارة إلى أنهم يعملون خارج أي لائحة رسمية، مما ينطوي على عنصر المخاطرة (عدم كفاية التأمين أو عدم وضوح المساءلة في حال حدوث أي مشكلة). حرصًا على السلامة وراحة البال، لا تزال معظم الأدلة الرسمية توصي باستخدام خدمات سيارات الأجرة المعترف بها فقط أو الحافلة الرسمية.
بمجرد عبور الجانب البحريني، تصبح القيادة أو ركوب سيارة أجرة أمرًا مباشرًا. ينقل الجسر السيارات إلى طريق سريع مرتفع على مشارف المنامة يؤدي مباشرة إلى العاصمة. في غضون بضعة كيلومترات، يواجه المرء مخارج واضحة المعالم لوسط المدينة، أو المطار (عبر ثلاثة جسور إلى جزيرة المحرق)، أو مدينة الرفاع إلى الجنوب. تتميز شبكة الطرق في البحرين بشكل مدهش بإشارات جيدة باللغتين الإنجليزية والعربية، مما يعكس العديد من المقيمين والمسافرين المغتربين. تصطف محطات الوقود على طول الطريق؛ البنزين (البنزين) أرخص من السعودية، مما يجعل ملء خزان الوقود محطة توقف غير مكلفة. من طقوس المرور الشائعة للوافدين الجدد التوقف في محطة وقود بحرينية، والنداء "توافق" (أي الخزان ممتلئ، من فضلك) للموظف إما باللغة الإنجليزية أو العربية، ومشاهدته وهو يملأ السيارة بسرعة. يستمتع العديد من الزوار الأجانب بنموذج الخدمة الودود: حيث يقوم الموظفون المحليون بضخ البنزين مجانًا (مع إكرامية صغيرة إلزامية)، ويتحققون من ضغط الإطارات، وحتى الذهاب بسرعة إلى مغسلة السيارات عند الطلب.
بشكل عام، يختلف إيقاع القيادة عبر الجسر بالسيارة عن الحافلة: فأنت قائد مصيرك. فمع سيارة رسمية، يمكنك عبور حواجز الهجرة بنفسك، لكنك تفقد رفاهية التواصل الاجتماعي (مع من تتحدث عندما تكون يداك على عجلة القيادة؟). بالنسبة للعائلات الكبيرة أو الأشخاص الذين لديهم الكثير من المعدات، يمكن أن تكون السيارة أكثر ملاءمة - فقط قم بحزمها وانطلق. أما بالنسبة للمغامرين أو المهتمين بالمال، فإن الجمع بين وسائل النقل ممكن: على سبيل المثال، يقود بعض السعوديين سياراتهم في منتصف الطريق ثم ينتقلون إلى الحافلة في محطة الحدود لتوفير القيادة. وقد يوقف آخرون سياراتهم على الجانب السعودي ويمشون مع الحشد، تاركين السيارة خلفهم. ولكن هذه حالات استثنائية. تظل الخيارات الرئيسية للمسافرين براً: استقل حافلة مريحة وتخلَّ عن القيادة، أو اركب سيارة أجرة واستمتع بالطريق السريع بشروطك.
يجدر التأكيد على مدى شعبية طريق السيارات. في شهر عادي، يعبر الجسر أكثر من مليون مركبة. في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد، ترتفع الأرقام بشكل حاد، مما يضاعف حرفيًا عدد سكان البحرين خلال النهار من الزوار. غالبًا ما تشهد ساحة رسوم الجسر طوابير طويلة، وعندما يحدث ذلك، ينتظر المسافرون الاستراتيجيون أحيانًا انتهاء فترة الازدحام أو يسافرون في أوقات غير الذروة. تعمل السلطات البحرينية والسعودية على تحسين البنية التحتية على كلا الطرفين للتعامل مع الحشود: أكشاك تفتيش أوسع، وممرات دفع إلكتروني، وأكشاك جوازات سفر أكثر كفاءة. حتى الجسر نفسه يتوسع حول كتفيه: في أوائل عشرينيات القرن العشرين، قامت الدولتان بحفر جزر اصطناعية جديدة بجانب المعبر، مضيفتين مباني جمركية وممرات إضافية للتفتيش. تهدف هذه التحديثات إلى تسهيل التدفق، حيث أصبح الجسر حقًا الشريان الحيوي لهذه المنطقة.
باختصار، القيادة إلى البحرين سهلة، لكنها تتطلب إجراءات شكلية. القواعد واضحة: احمل وثائقك، ادفع الرسوم، وتقدم لموظف الهجرة في كلا الاتجاهين. الطرق جيدة، والمناظر الطبيعية هادئة، وعلى عكس بعض المعابر الحدودية الأخرى في العالم، فإن التجربة بأكملها متحضرة إلى حد ما. تغادر صحراء السعودية وتصل إلى أزهى مدن البحرين في أقل من ساعة. بعد ذلك، يمكن للمسافر احتساء شاي الكرك في مدينة بحرينية، كل ذلك بفضل هذا الجسر الذي يبلغ عمره عقدين ونصف.
أثناء تجولك في البحرين اليوم، من اللافت للنظر أن الجزر التي نبحر عليها لم تتقارب إلا في الآونة الأخيرة. تقليديًا، كان قطاع النقل في البحرين يعتمد على اقتصاد قديم قائم على صيد اللؤلؤ وصيد الأسماك، مع قلة الطرق المعبدة. لم تشهد شبكة الطرق في البحرين توسعًا سريعًا إلا بعد اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث ربطت الطرق السريعة الجديدة القرى، وأُقيمت الجسور بين الجزر. واليوم، تواصل البحرين التخطيط لثورة في قطاع النقل. فهناك عدد من المشاريع الضخمة قيد التخطيط أو قيد التنفيذ، مما يبشر بتحويل البحرين إلى مركز تجاري رئيسي على الخليج.
ولعلّ أكثر هذه المشاريع طموحًا هو جسر الملك حمد، المعروف أحيانًا باسم جسر البحرين-قطر. يتوخى هذا المشروع إنشاء جسر جديد كليًا يربط البحرين بقطر، متجاوزًا المملكة العربية السعودية تمامًا. ورغم اقتراحه عام ٢٠٠٩ والموافقة عليه رسميًا منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن الجهود الأخيرة كانت تهدف إلى رفعه إلى مستوى متكامل ضمن شبكة السكك الحديدية القارية لدول مجلس التعاون الخليجي. والفكرة هي أن جسر الملك حمد لن يقتصر على نقل السيارات فحسب، بل سينقل أيضًا قطارات الركاب والبضائع كجزء من مشروع سكة حديد الخليج المقترح. وبموجب هذه الخطة، قد ينطلق قطار يومًا ما من مدينة الكويت عبر البحرين، عابرًا إلى قطر، وصولًا إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان.
في الوقت الحالي، لا يزال مشروع سكة حديد الخليج في مراحله الأولى؛ حيث تجري عمليات استحواذ كبيرة على الأراضي ودراسات الجدوى. ومع ذلك، فإن التخطيط يُوحي ببعض التفاؤل: فمن المرجح أن يمتد الجسر موازيًا للجسر الحالي المؤدي إلى السعودية ثم يستمر شرقًا. عند اكتماله، قد يُقلص وقت السفر بين المنامة والدوحة إلى حوالي 30 دقيقة بالقطار، مقارنةً بمدة القيادة الحالية التي تتراوح بين 4 و5 ساعات. وبينما تتجول في الواجهة البحرية للمنامة الآن، يمكنك أن ترى بعض المناطق محجوزة ومُسوّاة لقرب الجسر. الفكرة مستقبلية: قطار فائق السرعة يمر فوق الخليج، مُدمج مع ميناء حديث. إذا تحقق هذا، ستتحول البحرين من كونها بوابة السعودية إلى بوابة قطر إلى بوابة الخليج.
على مقربة من الوطن، تقوم البحرين أيضًا ببناء نظام سكك حديدية محلي - شبكة مترو أو سكة حديد خفيفة ستتقاطع في الجزيرة. إنه مشروع ضخم لأمة يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة فقط. وبموجب رؤية الحكومة، ستمتد الشبكة الكاملة في النهاية إلى حوالي 109 كيلومترات وتشمل أربعة خطوط مرمزة بالألوان (أحمر، أخضر، أصفر، أزرق). المرحلة الأولى جارية بالفعل. تمت الموافقة عليها في عام 2021، وستغطي المرحلة الأولى حوالي 29 كيلومترًا مع 20 محطة على خطين. على سبيل المثال، سيمتد الخط الأحمر من مطار البحرين الدولي إلى منطقة السيف في الطرف الغربي من المنامة، وسيربط الخط الأزرق الجفير (قاعدة عسكرية بريطانية سابقة، وهي الآن منطقة ترفيهية) شمالًا عبر مدينة عيسى باتجاه المنطقة المالية المركزية. سيتم رفع هذه الخطوط فوق سطح الأرض، مما يعني محطات مثل المنصات الأنيقة على الجسور، وليس أنفاق المترو.
لماذا المترو؟ غالبًا ما تكون الطرق السريعة في البحرين مزدحمة، ويعتقد المخططون أن نظام القطارات قادر على نقل ما يصل إلى 200,000 راكب يوميًا، مما يُخفف من الاختناقات المرورية. كما يتعلق الأمر بالتحول الحضري. تقع العديد من المحطات المخطط لها في مناطق كثيفة السكان وغير متطورة في المنامة. وتتوقع الحكومة نموًا عمرانيًا مُركزًا على النقل العام، مع مناطق أعمال جديدة تحل محل مواقف السيارات. وقد ألمح إعلان مناقصة حديث إلى نظام آلي بالكامل بدون سائق (GoA4)، مما يعني أن القطارات تعمل بأجهزة استشعار بدون سائق. تتوافق شفافية الخطة وطابعها العصري مع شغف البحرين بالمشاريع المبتكرة.
بينما سمع الجمهور عن الافتتاح بحلول عام ٢٠٢٥ تقريبًا، إلا أن المترو، من الناحية الواقعية، قد يستغرق عامين آخرين - فهذه المشاريع دائمًا ما تستغرق وقتًا. لكن ثمة شواهد على التقدم واضحة: أعمدة توجيه جديدة شُيّدت على طريق المطار السريع، أو مساحات من الأراضي المُسيّجة عند التقاطعات. إذا كنت تعيش هنا، فربما لاحظت كتلًا سكنية فارغة في الجفير أو السلمانية تحمل علامة "محطة مترو البحرين" على خرائط التخطيط. عندما ركب الصحفيون مركبات الاختبار المبكرة، وصفوا رحلة هادئة وسلسة فوق المدينة، مع منحنيات لطيفة تُتيح إطلالات بانورامية على الأحياء. بالنسبة لعشاق النقل، يُعد "مترو البحرين" قصة مثيرة ومتكشفة - بلد صغير يحقق قفزة نوعية.
إلى جانب شبكات المترو والجسور، تشهد البحرين أيضًا توسعة في شبكة الطرق. ويجري تطوير شبكة من الطرق الدائرية والسريعة الجديدة. على سبيل المثال، ناقش المخططون منذ فترة طويلة إنشاء طرق إضافية حول أطراف المنامة لتخفيف الازدحام المروري في وسط المدينة. ومن بين هذه المشاريع مشروع "طريق مدينة عيسى الالتفافي" أو "الطريق الدائري الشمالي"، الذي سيربط طريق البديع القديم شمالًا بجسر الشيخ سلمان جنوبًا دون الحاجة إلى المرور عبر وسط المدينة. وغالبًا ما تُبنى هذه الطرق السريعة الحديثة بمسارات متعددة في كل اتجاه، وممرات مخصصة للحافلات، وتقاطعات طرقية متعددة المسارات - وهي علامات على تطلعات البحرين في هندسة الطرق.
حتى الآن، يمكنك القيادة عبر الجسور الرابطة بين الجزر دون أن تلاحظها، بفضل الجسور الخفية. الجسور الثلاثة المؤدية إلى المحرق (جسور الشيخ عيسى، والشيخ حمد، والشيخ خليفة) منتشرة في كل مكان لدرجة أن السكان المحليين ينسون حداثة بعضها. جسر الشيخ خليفة (الذي افتُتح في أواخر التسعينيات) هو جسر عريض بثمانية مسارات يربط الطرف الشرقي للجزيرة الرئيسية بالمحرق. في الشتاء، قد تشاهد طيور الفلامنجو المهاجرة على المسطحات الطينية جنوب تلك الجسور مباشرة، في تذكير لطيف بمزيج اليابسة والبحر الذي بُنيت عليه البحرين.
من الأمثلة الصارخة على مشاريع ربط الجزر في البحرين جسر سترة. سترة جزيرة صغيرة جنوب المنامة، كانت في السابق قرية صيد. يربطها الآن جسر سريع بأربعة مسارات بالجزيرة الرئيسية، وقد أصبحت منطقة صناعية تزخر بالمصانع وساحات اللوجستيات. إذا وقفتَ على هذا الجسر عند شروق الشمس، ستشاهد سفن الحاويات وهي تتحرك ببطء شرقًا إلى ميناء سلمان، والشمس المشرقة تُذهّب رافعات الميناء - إنه شروق بحري بامتياز.
أخيرًا، تجدر الإشارة إلى سبب ظهور كل هذه الطرق والسكك الحديدية الآن. اكتشفت البحرين النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو ما يفسر الطفرة الأولى في قطاع الطرق السريعة في منتصف القرن العشرين. موّلت هذه الثروة الجسور والطرق التي ضمّت الجزر المجاورة. واليوم، يشهد اقتصاد البحرين تنويعًا يتجاوز النفط، مما يعني تركيزًا أكبر على التجارة والتمويل والسياحة. وتُعد شبكة النقل الفعّالة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق هذه الأهداف. يُعد كل طريق سريع أو خط مترو جديدًا جزءًا من "استراتيجية 2025" الشاملة لتحديث البلاد. حتى الخطوات الأصغر تعكس هذا: حيث تجوب العديد من الحافلات الجديدة (المجهزة بخدمة واي فاي مجانية) شوارع المدينة بموجب نظام امتياز الحافلات الحديث، كما أدخلت هيئة جسر الملك فهد المدفوعات الإلكترونية وبطاقات الرسوم الآلية لتسريع المعابر. والصورة التي نحصل عليها هي تقدم لا هوادة فيه: حيث تربط البحرين نقاطها بشكل منهجي، على أمل أن يجعل السفر السريع في أي مكان على الخريطة المملكة أكثر تنافسية وصالحة للعيش.
بالنسبة للزائر، تُقدّم هذه المشاريع أمرين. الأول هو تحسّن ملموس: أوقات سفر أقصر وخيارات أكثر. تخيّل أنه بعد خمس سنوات، ستتمكن من ركوب قطار من المطار، أو الوصول إلى وسط المنامة في 15 دقيقة، أو ركوب قطار إلى الدوحة. أما الأمر الثاني فهو شعور بالتغيير: فالوصول إلى هنا الآن يعني أنك جزء من بلد يشهد تحوّلاً جذرياً. حتى السياح قد يلاحظون شقّ طرق سريعة جديدة عبر الضواحي، أو الحديث عن جسر بحري يتفرّع شرقاً باتجاه قطر. هذا يُقدّم سياقاً: البحرين صغيرة، لكن طموحاتها كبيرة.
حتى بعد المشاريع المستقبلية، فإن شبكة الطرق في البحرين اليوم واسعة وأكثر تطوراً مما كانت عليه قبل 60 عامًا. عند التجول في البلاد بالسيارة، يجد المرء أن المدن والبلدات الرئيسية مرتبطة جميعًا بطرق سريعة واسعة بأسماء عربية تعكس عصر بنائها. في وسط مدينة المنامة، يعد شارع عيسى الكبير أحد أقدم الطرق الدائرية، والذي تم بناؤه في ثلاثينيات القرن الماضي مع تحديث العاصمة. يمتد على شكل حرف U حول الجانب الشمالي من المدينة القديمة. في الستينيات، تمت إضافة شارع المعارض كممر من الشمال إلى الجنوب عبر الأحياء الشرقية في المنامة (سمي بهذا الاسم لأنه كان يمر بأرض المعارض). ثم في الثمانينيات جاء طريق الفاتح، وهو طريق حديث متعدد المسارات يمتد غربًا من المدينة، والذي يشكل في النهاية جزءًا من الطريق الدائري. لكل طريق قصته الخاصة، لكنها الآن تشكل شبكة مترابطة، بحيث تتمتع حتى جزيرة صغيرة مثل البحرين بشبكة طرق سريعة قوية بشكل مدهش.
في الواقع، جزر البحرين (يوجد حوالي 30 جزيرة، على الرغم من أن 4 منها فقط مأهولة بالسكان) متصلة جيدًا بجسور. بالإضافة إلى الجسور المذكورة سابقًا، حتى النتوءات الصغيرة متصلة ببعضها. على سبيل المثال، جزر أمواج - وهي مجموعة من الجزر الاصطناعية المتطورة شمال المحرق - متصلة بالبر الرئيسي بجسر منخفض حتى يتمكن السكان من القيادة إلى المطار في دقائق. إلى الغرب، تربط العديد من الجسور الضيقة جزيرة البحرين بأم النعسان (التي تحمل جسر الجسر)، وجزيرة حوار (بين البحرين وقطر). هذه الجسور الأصغر ليست أكثر فخامة من الجسر، لكنها تربط الأرخبيل معًا بهدوء. أثناء قيادتك على أي من هذه الجسور، تشعر أن البحرين قد نمت فوق البحر شيئًا فشيئًا. حيث كان الناس في السابق يطلقون القوارب بين القرى، أصبحوا الآن يتحادثون أثناء الإفطار في السيارات بينما تحلق طيور النورس فوقهم.
أصبح اتساع طرق البحرين واضحًا في وقت مبكر من التاريخ. فبعد اكتشاف النفط، رُصفت حتى الطرق الترابية لتصبح طرقًا سريعة. وحفزت عائدات النفط الربط بين المدن، فبحلول سبعينيات القرن الماضي، أصبح بالإمكان القيادة من منطقة سوق المنامة إلى قرية الرفاع النائية في الجنوب عبر طريق سريع مُعتنى به جيدًا. وأصبحت قرى مثل السنابس والدراز (في السهل الغربي الأوسط) ضواحي على طول تلك الطرق. وقد تم توسيع العديد من الطرق التي كانت قائمة قبل النفط وتطويرها. في الواقع، لا يزال بإمكانك رؤية الطرق القديمة من خلال أشجار النخيل المتعرجة التي تصطف على جانبيها - كانت في السابق مسارات متعرجة عبر بساتين الواحات، والآن أصبحت منحنيات لطيفة للقيادة في المدينة.
يبلغ إجمالي طول الطرق في البحرين اليوم أكثر من 4000 كيلومتر، معظمها مُعبَّد - وهو رقمٌ مُذهلٌ لدولةٍ لا تتجاوز مساحتها 780 كيلومترًا مربعًا. بالطبع، تحوّلت البحرين من القيادة على الجانب الأيسر إلى الأيمن من الطريق عام 1967، الأمر الذي تطلّب إعادة تصميم العديد من لافتات الطرق، بل وحتى تعديل بعض تصاميم الحافلات. لكن بالنسبة لزائري البحرين، لا يُعدّ هذا التغيير سوى مجرد هامش تاريخي. إذا كنتَ تملك سيارة، فقد أصبح القيادة في أنحاء الجزيرة أمرًا طبيعيًا تمامًا: فالدوارات المرورية كثيرة، وكاميرات السرعة مُثبّتة على الطرق السريعة، ومحطات الوقود متوفرة بكثرة.
تكشف تجربة القيادة على طرق البحرين أيضًا عن جوانب الحياة الحضرية. على سبيل المثال، بعد غروب الشمس، يُمكن للمرء أن يرى كيف بُنيت ضواحي مترامية الأطراف في قرى مثل المنامة والجفير والرفاع، يمكن الوصول إليها عبر هذه الطرق السريعة. بالتدفق إلى شارع الشيخ خليفة (الطريق المؤدي إلى المحرق من جسر الشيخ خليفة)، تمر عبر مدينة الشيخ حمد وعالي، حيث تُضاء كل مدينة بأضواء الشوارع وتصطف المتاجر على طول الطريق الرئيسي. حتى في أمسيات الشتاء، تتدفق حركة المرور بثبات مع انتقال الناس من العمل إلى منازلهم، مما يعكس أن البحرين ليست مجرد مدينة نائية هادئة، بل جزيرة مكتظة بالسكان.
يجري حاليًا إنشاء طرق سريعة دائرية حديثة لإدارة هذه الكثافة. ويجري بناء طريق جانبي جديد (يُسمى أحيانًا طريق المدينة الشمالية الدائري أو الطريق الالتفافي) للسماح بحركة مرورية دائرية حول المنامة دون التسبب في ازدحام مركز المدينة. إذا صادفتَ ركوب سيارة أجرة الآن إلى الضواحي الشمالية، فقد تجد الجسور العلوية والمنحدرات الجديدة بارزة في الهواء. سيكون التأثير، عند اكتماله، أشبه بتضييق الخناق على المدينة: سيستغرق سكان المدينة من الغرب إلى الشرق 10-15 دقيقة أقل.
أخيرًا، إشارة إلى جانب الميناء: لا تربط الجسور الأرض فحسب، بل الصناعة أيضًا. اعبر جسر سترة إلى منطقة سترة الصناعية، وتدخل منطقة مصانع ومستودعات البحرين. على هذا الطريق تقع مصفاة نفط بابكو (على الرغم من أن منتجاتها تأتي بشكل أساسي عبر خطوط الأنابيب من السعودية، وليس عن طريق السفن). بالقرب منها ساحات الشحن لميناء سلمان. على جانب المحرق، تفتح الجسور مباشرة على مواقف سيارات مطار البحرين الدولي. بطريقة ما، نمت طرق البحرين لربط المطارات والموانئ والمدن في نسيج واحد. الرحلة من المطار إلى المدينة - عبر جسر الشيخ عيسى الجديد تمامًا، وهو جسر من خمسة مسارات تم الانتهاء منه قبل بضع سنوات فقط - سلسة ومستقيمة للغاية لدرجة أن العديد من المسافرين الوافدين بالكاد يدركون أنهم عبروا الماء؛ فقط لوحات الإعلانات والهندسة المعمارية في المنامة تكشف أنهم على أرض الجزيرة بدلاً من الكثبان الرملية.
إذا كانت البحرين بوابة الخليج براً وجواً، فإن ميناء سلمان هو بوابتها البحرية. سُمي الميناء تيمناً بأمير البحرين السابق، سلمان بن حمد آل خليفة الأول، ويقع على الساحل الشمالي الشرقي لجزيرة البحرين، في قلب المنامة الكبرى. افتُتح بشكله الحديث عام ١٩٦٢، على الرغم من أن الميناء الطبيعي فيه ظل يُستخدم لقرون. يُعد ميناء سلمان اليوم الميناء البحري الرئيسي للمملكة في مجال الشحن العام، وحاويات البضائع (بدرجة أقل من ميناء خليفة بن سلمان، ولكنه لا يزال ذا أهمية)، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الخدمات اللوجستية.
من الخليج، تتجه السفن الداخلة إلى مياه البحرين نحو الساحل الشرقي الطويل. عند اقترابها، عند الفجر أو الغسق، ترى أفق المنامة مُتوّجًا بأبراج أنيقة. تُدير القناة السفن باتجاه الشمال الغربي نحو حواجز الأمواج في ميناء سلمان. غالبًا ما تقف قوارب القطر على أهبة الاستعداد لتوجيه السفن الأكبر حجمًا إلى رصيف الميناء الطويل. يسود جوٌّ من العمل الدؤوب في الرصيف: تتحرك الرافعات والرافعات الشوكية بثبات، وتصطف حاويات الشحن في صفوف مُرتبة، وتختلط رائحة هواء البحر بالوقود والفولاذ. بالنسبة للبحارة وطواقم الميناء، يُعد ميناء سلمان روتينًا، أما بالنسبة للقادمين الجدد، فقد يبدو الأمر أشبه بدخول مركز تجاري بحري متجمد في الزمن ولكنه يعجّ بالنشاط.
يعمل ميناء سلمان على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وقد تعامل مع حوالي 2.5 مليون طن من البضائع سنويًا وفقًا لآخر تقرير كامل. ويضم 15 رصيفًا قادرًا على استيعاب ناقلات البضائع السائبة الكبيرة، وسفن البضائع العامة، وسفن الحاويات. ويشمل الإنتاج على مدار العام تنوعًا مذهلاً: بدءًا من ناقلات الماشية وناقلات الحبوب، ووصولًا إلى ناقلات الوقود البحري، ووصولًا إلى سفن الحاويات التي تُزود أسواق البحرين بالسيارات والأجهزة والمواد الغذائية. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، زار ميناء سلمان أكثر من 3200 سفينة تجارية سنويًا. غالبًا ما تُشير إحصاءات الميناء إلى البضائع من حيث وحدات TEU (وحدات مكافئة لعشرين قدمًا)، وقد يبلغ حجم مناولة ميناء سلمان السنوي بضع مئات الآلاف من وحدات TEU، مما يعكس دوره كميناء متوسط الحجم. (بالمقارنة، تتعامل موانئ دبي المجاورة مع عشرات الملايين من وحدات TEU. أما موانئ البحرين، فهي أصغر بكثير، لكنها تتناسب مع حجم اقتصادها).
من الجوانب الفريدة لميناء سلمان تركيزه على القوى العاملة المحلية والخدمات. وتشير شركة جلوبال سيكيوريتي إلى أنه "محطة الحاويات الوحيدة في الشرق الأوسط التي تُدار بالكامل من قِبل موظفين محليين (بحرينيين)". يعكس هذا سياسةً مدروسة: فبدلاً من الاعتماد على عمال الموانئ الأجانب، استثمرت البحرين في تدريب عمالها البحريين. في ساحة الحاويات، ستجد أسماء بحرينية في الغالب على سترات عاكسة، أو يقودون الرافعات الشوكية، أو يسيرون بين صناديق الشحن. يُنسب الكثيرون إلى هذا الكفاءة والفخر: فالمشغّلون هنا يعرفون الميناء جيدًا، ودوران العمل منخفض. كما تميزت الموانئ البحرينية تقليديًا في الشحنات الميكانيكية (البضائع الثقيلة والمركبات) والبضائع السائبة (مثل لفائف الصلب أو حديد التسليح لقطاع البناء). وقد أدى التوسع في التكنولوجيا (الرافعات الحديثة والأنظمة الآلية) إلى زيادة سعة الميناء.
من الناحية البنيوية، يُعد ميناء سلمان ميناءً طبيعيًا. في خمسينيات القرن الماضي، وقبل افتتاح المحطة بوقت طويل، قامت السلطات بتجريف قنوات الوصول لرسو السفن الكبيرة. شُيّدت خمسة أرصفة عميقة بين عامي ١٩٥٦ و١٩٦٢ لاستيعاب الجيل الأول من سفن صناعة النفط. لاحقًا، وُسِّعت هذه الأرصفة لتصل إلى ١٥ رصيفًا اليوم. يقع الميناء على مساحة ٠.٨ كيلومتر مربع (٨٠ هكتارًا)، مُسيّجة ببوابة آمنة. يُمكنك القيادة على طول الرصيف، حيث ترى ستة أرصفة على الأقل في آنٍ واحد. تمتد مراكز اللوجستيات والمستودعات في الميناء إلى الداخل لمسافة نصف كيلومتر آخر تقريبًا، مما يؤدي إلى محيط مدينة المنامة.
تشمل خطوط الشحن التي تخدم ميناء سلمان شركات عالمية عملاقة: تحالفات حاويات مثل MSC وMaersk تتوقف هنا، وكذلك شركات الشحن السائب والعامة. تتوقف سفن الدحرجة (RoRo) بانتظام لتحميل وتفريغ السيارات والشاحنات، نظرًا لحجم واردات البحرين الكبيرة من السيارات. ترسو ناقلات النفط في أرصفة متخصصة في المنطقة الصناعية المجاورة للميناء (سترة أو في عرض البحر) - وليس ميناء سلمان نفسه - ولكن صنادل وقود السفن ترسو باستمرار لملء خزاناتها. في الواقع، تُعد البحرين موردًا إقليميًا للوقود. يقع المقر الرئيسي لشركة بارزة، وهي شركة أيوب جناحي وأولاده (AJSCO)، في منطقة ميناء سلمان؛ وتُشغّل أسطولًا من صنادل ناقلات الوقود التي تُزوّد السفن بالديزل البحري عند الرسو أو الرسو، بالإضافة إلى دعم أعمال البناء البحرية.
تُعدّ المناطق المحيطة بميناء سلمان مركزًا حيويًا للخدمات اللوجستية والصناعية. تجاور الميناء منطقة ميناء سلمان الصناعية، وهي عبارة عن شبكة من المستودعات وأحواض بناء السفن ومستودعات التبريد. تُنقل البضائع إلى هناك للمعالجة أو التخزين. توفر الشركات المحلية هنا كل شيء، من إصلاح الحاويات إلى شحن البضائع. تُنقل معظم البضائع الداخلة إلى الميناء - من أغذية مستوردة وإلكترونيات وقطع غيار - بالشاحنات على طول الطرق السريعة. في الواقع، لا يبعد الميناء سوى حوالي 3 كيلومترات عن مركز مدينة المنامة (وإن كان يفصل بينهما بعض الأحياء). عندما تغادر الشاحنات الميناء، يمكنها الوصول إلى المطار في أقل من 15 دقيقة، أو التوجه جنوبًا على الطريق السريع نحو الرفاع وما بعدها.
يُعزز تطورٌ حديثٌ نسبيًا جاذبية ميناء سلمان: التكامل مع مطار البحرين عبر محورٍ بحري-جوي. في عام ٢٠٢١، أعلنت شركة APM Terminals (الجهة المُشغّلة لميناء خليفة بن سلمان) عن مركزٍ لوجستيٍّ جمركيٍّ يربط المطار بالميناء. يُتيح هذا للشركات شحن البضائع بسرعة بين الطرق البحرية والجوية. على سبيل المثال، يُمكن وصول شحنةٍ دوائيةٍ مُستوردةٍ جوًا إلى مطار البحرين، ثم تُنقل بالشاحنات لبضعة كيلومترات إلى الميناء لتُلاقي سفينةً مُرتبطة، وكل ذلك في غضون ساعتين، مع تخليصٍ جمركيٍّ مُعجّل. بالنسبة لدولةٍ صغيرة، تُمثّل القدرة على إنجاز الشحنات في أيامٍ بدلًا من أسابيع ميزةً تنافسية. ويرتبط ميناء سلمان، حتى لو كان "الميناء القديم"، بهذه الشبكة نظرًا لموقعه المُجاور للمطار.
عند زيارة ميناء سلمان، يلاحظ المرء أيضًا بعضًا من التاريخ البصري. على الجانب الآخر من المياه إلى الغرب يقع ميناء المنامة المصغر. ستشاهد أحيانًا مراكب شراعية خشبية طويلة (سفن شراعية عربية تقليدية) تُصلح على الشاطئ بالقرب من الحصون القديمة. هذه بقايا من تاريخ صيد اللؤلؤ في البحرين. التباين مذهل: قبل أقل من قرن، كان البحرينيون يبحرون في هذه المياه بقوارب التجديف. اليوم، سفن الحاويات تتفوق على تلك المراكب الشراعية. حتى لافتات الميناء تحافظ على الأسماء القديمة: إشارات إلى مناطق مثل بركات (حي اشتهر سابقًا بتجار اللؤلؤ) أو سوق الجديد (منطقة السوق القديم) تُذكر بأن التجارة هنا قديمة، حتى لو تغيرت البضائع من محار اللؤلؤ إلى رقائق الكمبيوتر.
يشهد ميناء سلمان أيضًا موسمًا محدودًا ولكنه مستقر لرحلات السفن السياحية. ورغم أن البحرين ليست وجهة سياحية رئيسية، إلا أن عددًا قليلًا من رحلات "الخليج العربي" تتوقف هنا ضمن برامج رحلاتها. ينزل الركاب في حافلات تقلهم إلى قلعة البحرين أو مراكز التسوق. يُعد هذا دخولًا سلسًا إلى البحرين، حيث يتم فحص جوازات السفر على متن السفن، ولكن بمجرد الوصول إلى الرصيف، يبقى المنظر غريبًا. بالنسبة لهؤلاء المسافرين، يكون ميناء البحرين هو انطباعهم الأول: نأمل أن تعكس الممرات الأنيقة، وطابور الجمارك المنظم، وابتسامة موظف الجمارك البحريني شيئًا إيجابيًا عن البلاد. (يذكر أحد المراقبين المحليين أن ركاب السفن السياحية غالبًا ما يلاحظون نظافة الميناء مقارنةً بالموانئ الأكبر المجاورة).
أخيرًا، لا يُمكن الحديث عن ميناء سلمان دون الإشارة إلى أنه يُطغى عليه تدريجيًا ميناء خليفة بن سلمان الأحدث في الحد (جنوبًا). افتُتح ميناء خليفة عام ٢٠٠٩ على مساحة أكبر مُستصلحة، واستحوذ على جزء كبير من مناولة الحاويات. هذا يعني أن ميناء سلمان لم يعد يستقبل السفن العملاقة التي تبلغ سعتها ١٨٠٠٠ حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا بنفس الوتيرة التي كان يستقبلها سابقًا. ومع ذلك، لا يزال ميناء سلمان يعج بالبضائع السائبة والخدمات المحلية (على سبيل المثال، إعادة تخزين الجزر المحلية، والسفن المتخصصة، والبضائع الإقليمية). كما أنه نقطة تفتيش جمركية لمحطة عبّارات الركاب في المنامة، ورصيف صغير للرحلات البحرية. في الواقع، تحوّل ميناء سلمان من ميناء شحن رئيسي في البحرين إلى محطة مُكمّلة متعددة الأغراض.
ماذا يعني كل هذا للزائر؟ إذا سافرت بالسيارة أو الحافلة وصادف أن نظرت عبر الجسر ليلاً، فسترى ميناء سلمان مضاءً بأضواء كاشفة، ومجموعة من الرافعات تومض. عن قرب، ستشم رائحة عادم الديزل والهواء المالح بينما تهدر الشاحنات ذهابًا وإيابًا. قد يتذكر المسافرون من الرياض رحلة الحافلة ويفكرون في كيف انتهى بعضهم في مجمع الاتحاد التعاوني الكبير في المنامة، بينما قد يلمح المسافرون على متن طائرة الميناء من الجو عند اقترابهم. في جميع الأحوال، يُعد ميناء سلمان تذكيرًا بأن البحرين جزيرة ذات مكانة مهمة في تجارة الخليج. حتى مع ظهور المرافق الأحدث، يحتفظ هذا الميناء بهمهمة السفن، ومعرفة أنه قبل زمن طويل من الطائرات والطرق السريعة، كانت البحرين تفتح أبوابها للعالم عن طريق السفن.
لقد شكّلت الحظوظ والبصيرة منافذ البحرين. مطار يمزج بين سحر الماضي وحداثة العصر؛ جسر يتشارك فيه السعوديون والبحرينيون طرقهم؛ طرق تعانق السواحل وتمتد عبر البحار؛ وموانئ ترحب بالتجار - كلٌّ منها يروي جزءًا من قصة النقل في البحرين. بالنسبة للمسافر القادم اليوم، فهذا يعني خيارات: يمكنك أن تحلق من أوروبا على متن طيران الخليج، أو تنضم إلى حركة المرور وقت الغداء في حافلة مفعمة بالحيوية من الخبر، أو تنزلق بهدوء تحت النجوم في سيارتك الخاصة عبر الخليج. في كل سيناريو، تكون الرحلة هي الوجهة: البنية التحتية للبحرين هي نفسها دعوة لفهم المملكة، تُظهر كيف تواكب دولة صغيرة جيرانها العمالقة من خلال بناء جسور كبيرة، حرفيًا ومجازيًا، ميلًا تلو الآخر.
تعد اليونان وجهة شهيرة لأولئك الذين يبحثون عن إجازة شاطئية أكثر تحررًا، وذلك بفضل وفرة كنوزها الساحلية والمواقع التاريخية الشهيرة عالميًا، والأماكن الرائعة التي يمكنك زيارتها.
اكتشف مشاهد الحياة الليلية النابضة بالحياة في أكثر مدن أوروبا إثارة للاهتمام وسافر إلى وجهات لا تُنسى! من جمال لندن النابض بالحياة إلى الطاقة المثيرة...
تم بناء هذه الجدران الحجرية الضخمة بدقة لتكون بمثابة خط الحماية الأخير للمدن التاريخية وسكانها، وهي بمثابة حراس صامتين من عصر مضى.
بقنواتها الرومانسية، وعمارتها المذهلة، وأهميتها التاريخية العظيمة، تُبهر مدينة البندقية، تلك المدينة الساحرة المطلة على البحر الأدرياتيكي، زوارها. يُعدّ مركزها العظيم...
يتناول هذا المقال أهميتها التاريخية، وتأثيرها الثقافي، وجاذبيتها الجذابة، ويستكشف أكثر المواقع الروحانية تبجيلًا حول العالم. من المباني القديمة إلى المعالم المذهلة...