أشياء يمكنك القيام بها في المنامة

على حافة المياه، ترتفع أطلال قلعة من رمالها البيضاء الناصعة، بقايا مستوطنة سكنتها قبل أكثر من أربعة آلاف عام. هنا، في قلعة البحرين، يمكن للمسافرين أن يعبروا قرونًا. تُشير أساسات الموقع المبنية من الطوب اللبن إلى عصر حضارة دلمون، التي كانت في يوم من الأيام محورًا رئيسيًا في طرق التجارة التي تربط بلاد ما بين النهرين بوادي السند. في ضوء الظهيرة، تُلقي جدران القلعة بظلال طويلة وزاوية تُشير إلى مواقع المدافع البرتغالية في القرن السادس عشر. لم يُرمم إلا القليل مما استُبعد؛ يتحرك المرء بين أحجارٍ لا تزال تُسمع فيها وقع أقدام التجار القدماء وصيحات جنود الاستعمار.

بجوار الحصن، يقع متحف منخفض الارتفاع، يضم صالات عرض هادئة، حيث تتراوح القطع الأثرية بين شظايا خزفية مصقولة ورؤوس سهام مكسورة. تصف اللوحات كيف أبحر تجار دلمون في الخليج العربي في قوارب قصبية هشة، يقايضون اللؤلؤ والنحاس بالمنسوجات الفاخرة والبخور. الدخول مجاني، باستثناء يوم واحد مغلق أسبوعيًا، حيث يمنح الموقع حراسه استراحة ضرورية. في كل معروض، ثمة شعور بتداخل الطبقات: جدار من العصر البرونزي يجاور سورًا بُني تحت إشراف برتغالي، وكلاهما يقف تحت شمس صحراوية حارقة.

على بُعد مسافة قصيرة بالسيارة شمال غربًا، يجد الزائر بوابةً مختلفة تمامًا: قوسا باب البحرين. شُيّد هذا الباب عام ١٩٤٩ تحت إشراف السير تشارلز دالريمبل بلجريف، المستشار البريطاني الذي شكّل تأثيره معالم البحرين في منتصف القرن العشرين، وهو يُمثّل مدخل السوق القديم. يتناقض جصه الباهت مع الشبك الخشبي الداكن الذي يُظلّل أزقة السوق الضيقة. من هنا، يدخل الزائر إلى نسيجٍ من الأكشاك: أقمشة الحرير، وصواني لامعة من المجوهرات المطلية بالذهب، وسلال منسوجة من الزعفران والهيل، ورفوف من الخزف المزخرف يدويًا. لا تزال المقايضة هي العملة، وكل عملية مساومة طقسٌ يتحول فيه السعر إلى تفاوضٍ وتفاعلٍ اجتماعي.

على مقربة من البوابة، يقف متحف البحرين الوطني، أبرز مستودع للذاكرة الوطنية. منذ افتتاحه عام ١٩٨٨، امتزجت هندسته المعمارية البسيطة ذات الألوان الترابية مع مشهد الواجهة البحرية، وكأنها تخشى أن تطغى على الحصن العتيق القريب. في الداخل، تتقدم صالات العرض زمنيًا: مراسي حجرية ضخمة من تجار الخليج في الألفية الثالثة قبل الميلاد؛ ومجسمات لغواصي اللؤلؤ وهم يجمعون كنوزًا صدفية؛ ونماذج لمنازل بُنيت عندما كان النفط مجرد شائعة في الأفق. أما أبرز ما في المتحف - قاعة القبور - فتضم قطعًا أثرية يعود تاريخها إلى ٢٥٠٠ قبل الميلاد، اكتُشفت من تلال الدفن القريبة. يضم أحد الجدران نسخة طبق الأصل من ممر سوق تقليدي، تتدلى منه عوارض خشبية فوق أكشاك بلون الرمال، بفضل حرفيين مهرة. خلف المعارض، يوفر رصيف صغير جولات بالقارب تدور حول الجزيرة، ويؤطر جدران المتحف ذات اللون الأصفر المائل إلى الأصفر مقابل المساحة الزرقاء الفاتحة للخليج.