أبيسي-إيطاليا-مدينة-الأشباح-الجميع-غادروا-ولم-يعودوا

أبيس، إيطاليا (مدينة الأشباح) – الجميع غادروا ولم يعودوا

كانت مدينة أبيس ذات يوم وجهة سياحية شهيرة في إيطاليا، وهي مدينة تاريخية تتمتع بجمال معماري وتراث غني. لكن زلزال إيربينيا عام 1980 غيّر تضاريس المدينة بشكل دائم، مما أسفر عن نزوح 25000 شخص ووفاة 2500 شخص. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإحياء أبيس، فإن الهياكل المتداعية والأزقة الخالية في المدينة تعمل كتذكير بهشاشة النشاط البشري في مواجهة البيئة. وتؤكد قصة أبيس على قوة الطبيعة والطابع العابر للنجاح البشري.

تقع مدينة أبيس في منطقة كامبانيا بإيطاليا، وهي تذكير رهيب بالطبيعة غير المستقرة للقدر والقوة الرهيبة للكوارث الطبيعية. كانت هذه المدينة التاريخية ذات يوم وجهة سياحية مزدهرة، لكنها الآن هادئة مع همسات العصر الماضي التي تتردد في شوارعها.

تأسست مدينة أبيس خلال العصر الذهبي للإمبراطورية الرومانية، وكانت جوهرة في تاج السفر الإيطالي، حيث اجتذبت السياح من كل مكان للتعجب من تاريخها الغني وجمالها المعماري. كل واجهة من واجهات المباني الحجرية العتيقة والشوارع المرصوفة بالحصى في المدينة تحكي قصة حياة عاشها البشر وأحلام سعى إليها الجميع، وتشهد على قرون من السكنى البشرية.

ولكن في نوفمبر/تشرين الثاني 1980 ثارت الأرض ذاتها على هذه الحياة المثالية. فقد أدت القوة الرهيبة لزلزال إيربينيا الشهير إلى تغيير تضاريس أبيس وأسلوب حياة أهلها إلى الأبد. وفي غضون دقائق، تغير مصير البلدة إلى الأبد حيث أودت الزلازل بحياة 2500 شخص وأصابت أعداداً لا حصر لها وشردت آخرين، ومزقت المنازل والقلوب على حد سواء.

أبيسي-إيطاليا-مدينة-الأشباح-الجميع-غادروا-ولم-يعودوا

في أعقاب هذا الحدث الكارثي، رحل سكان أبيس بأعداد كبيرة، مدفوعين بغريزة البقاء والرعب. واكتشف ربع مليون شخص أنهم بلا مأوى بعد أن استقر الغبار؛ فقد اقتلع غضب الطبيعة حياتهم من جذورها. وساد الهدوء شوارع أبيس التي كانت تعج بالحركة في السابق، وتركت مبانيها لتنهار تحت وطأة الإهمال والهجران.

لقد توقف الزمن في أبيس منذ 38 عامًا. وتعمل الأزقة الفارغة والمباني المنهارة في البلدة كتذكير مؤثر بهشاشة الأنشطة البشرية ضد إرادة الطبيعة. وتستعيد النباتات الأرض التي كانت تحت سيطرة الإنسان ذات يوم، فتتسلل عبر شقوق الرصيف. ويكسر همس الرياح العرضي عبر إطارات النوافذ الفارغة وصرير الأبواب البالية التي تتأرجح على مفصلات صدئة الصمت الرهيب الذي يلف البلدة.

ورغم أن الجهود الرامية إلى إعادة إحياء أبيس كانت بطيئة ومحفوفة بالصعوبات، فإن عملية التجديد وإعادة التوطين لم تستغل على النحو اللائق، وتحتاج البنية الأساسية للمدينة إلى تحديث وإصلاحات كبيرة. ومع ذلك، هناك ومضات من الأمل وسط الفوضى والتدهور. ولا تزال اللوحات الجدارية الباهتة على الجدران المنهارة والأعمال الحجرية المعقدة للكنائس المهجورة تظهر آثار روعة المدينة السابقة.

أبيسي-إيطاليا-مدينة-الأشباح-الجميع-غادروا-ولم-يعودوا

تذكرنا مدينة أبيس بطبيعة النجاح البشري العابرة والقوة المستمرة للطبيعة وهي معلقة على حافة الولادة الجديدة والنسيان. بالنسبة لأولئك الذين يجرؤون على التجول في شوارعها الفارغة، فإن هذه المدينة المهجورة المتجمدة في الزمن لا تفشل أبدًا في إلهام الخيال لأنها توفر نافذة على عالم كان ذات يوم وقد لا يكون أبدًا مرة أخرى.

إن رواية أبيس هي تأمل رصين في عدم القدرة على التنبؤ بالحياة ومرونة الروح البشرية. والوقت وحده هو الذي سيخبرنا ما إذا كانت أبيس ستنهض من رماد ماضيها الحزين أم ستظل نصبًا تذكاريًا للقوى الرهيبة التي شكلت مصيرها مع استمرار الجهود الرامية إلى إحياء المدينة.